كان يا ما كان في سالف العصر والأوان، رجل يعيش مع ابنه وابنته اللذين توفيت أمها، وظل هو يربيهما ويعتني بهما. وكانت فتاة من الجيران تحسن إلى الفتاة وتغسل لها الثياب، وتساعدها عندما تغتسل. وما زالت هذه الجارة كذلك إلى أن قالت للفتاة اليتيمة ذات يوم: «اطلبي من أبيك أن يتزوجني، لأعتنبي بك وبأخيك أكثر». فعرضت الفتاة الأمر على أبيها فأجاب: «أخشى أن تغدر بك وبأخيك فأكون أنا قد ظلمتكما بها». أما الصبي فكان يقول لا تتزوج يا أبي! وما زالت الجارة تلح على الفتاة، والفتاة تلح على أبيها حتى تزوج من هذه الجارة.
(رُوحْ يا يوم تعالْ يا يوم، رُوحي يا سَنة تعالي يا سَنَة) كبر الصغير واصبح يافعاً، فاختارت زوجة أبيه يوماً كان فيه زوجها غائباً وقتلت الصبي، وقطعته قطعاً قطعاً، ووضعت بعض قطعه في الطعام، ليقدم أمامهم حينما يعود الأب، انتقاماً منه لأنه كان يطالب أباه ألا يتزوج!. فعلت ذلك به أمام أخته التي كانت تنهمر من عينيها الدموع الساخنة الصامتة، والمنظر يفتت قلبها، فتقول لها زوجة الأب: إذا أخبرت أباك بما رأيت فسيكون هذا مصيرك أيضاً!
وبعد أن خرجت المرأة من المكان لبعض شؤونها، جمعت الأخت عظام أخيها المطروحة على الأرض ووضعتها في حفرة في حديقة البيت.
وحينما عاد الأب سأل عن ابنه فقالت له زوجته: ذهب إلى بيت جده، وقدمت له الطعام المهيأ، ولما اطمأن على ابنه شرع يتناول الطعام، وجعل هو وزوجته يرميان بالعظام خارجاً أثناء الأكل، وكانت الابنة تلقف هذه العظام وتقدفنها في الحفرة في الحديقة.
وفي صباح اليوم الثاني كانت مجموعة من النساء جالسات قريباً من المنزل وفيهن زوجة الأب والأخت، فتحولت عظام الصبي إلى طائر وأخذ يغني ويقول:
أنــــــا الطــــويـــــر الأخـــضــــــر مــــــــــــرة أبــــــــوي ذبحــــــــتـــني
وأبوي العَرسْ أكل من لحمي واختي الحنونة حن الله عليها
جــــــــــــمــــــــعت عظمــــــــــــــاتي وحـــطـــــــــتــــهـــــم فـــــــي اجننــــــاتي
فتعجبت النساء مما يسمعن من غناء، ثم سكتن ليسمعن فسمعن الطير يقول: لا أغني إلا عنها، تلك المرأة ويشير إليها ويقول: لتفتح فمها، فحملتها النساء على أن تفتح فاها، ففتحته، فألقى فيه أبرة مسمومة، فماتت على الفور فأضاف الطائر: وتلك الفتاة فلتفتح حجرها، ففتحت حجرها فألقى فيه المال والفضة والزمرد والذهب والماس مما لا تستطع أن تحمله.
وهذبت إلى عظام أخيها فوجدت أنها قد تحولت إلى ذهب.
وعاشت مع أبيها حياة سعيدة...
وطار الطير تتسموا بالخير..
مع تحيات ميلاني للابد